مسجد صفاقس بتونس يمنح المدينة شكل الكوفة

بدأ بناء الجامع بالتّزامن مع بناء سور مدينة صفاقس سنة 849 ميلادية باستعمال الطّين والطّوب، وكان يتولّى علي بن سالم البكري القضاء بالمدينة، وتولّى الإمام سحنون القضاء بالقيروان. وبعد 10 سنوات أي سنة 859م، جدد بالكلس والطّين، أثناء حكم أبي إبراهيم أحمد بن الأغلب.

وأدخل أوّل التّحسينات على الجامع في عهد الأمير الصّنهاجي أبي الفتوح المنصور عام 988 م. ببناء القبّة الّتي تعتلي الباب الرّئيسيّ والقبّة الّتي تقابلها بالجهة الجنوبيّة، وجددت أغلب أجزاء المسجد، ورفع طول المئذنة لتبلغ 25 مترا، وعندما استقلّ حمّو بن مليل البرغواطي بمدينة صفاقس عن حكم الصّنهاجيّين (1059 م - 1100 م)، أجرى بدوره تحسينات أخرى على الجامع الكبير.

وفي عام 1702 م، تولّى الإمام الشّيخ عبد العزيز الفراتي إمامة الجامع الكبير، فأنفق عليه من ماله ومن أوقاف الجامع حتّى جدّده وأعاد له اعتباره، وصنع له منبرا جديدا. واستمرّت بعده الإصلاحات والتّحسينات حتّى سنة 1774 م، وذلك لتجاوز ما أصاب الجامع من ضرر وإهمال بسبب الحروب والصراعات التي عرفتها صفاقس بين القرنين الحادي عشر والسابع عشر الميلادي.

http://www.al-vefagh.com/content/files/5/31924.jpg

http://www.al-vefagh.com/content/files/5/31923.jpg

 

قنابل على الجامع

وتعتبر فترة الاحتلال الفرنسيّ أحلك فترة مرّ بها الجامع الكبير منذ تأسيسه. اذ سقطت أوّل قنبلة أطلقها الأسطول الحربيّ الفرنسيّ على صفاقس في فترة حصاره لها سنة 1881 م على مئذنة الجامع. وبعد أن نجح الجنود الفرنسيّون في احتلال المدينة، حوّلوه إلى ثكنة يبيتون فيها ويغسلون فيها ثيابهم، واستعملوا صحن الجامع كاسطبل يربطون فيه خيولهم. وأثناء الحرب العالميّة الثّانية عام 1942 م، سقطت قنبلتان أخريان. وتولّى المقاول محمّد الطّرابلسي والنّجّار عليّ شاكر جبر الضّرر الّذي سبّبتاه.

ويرسم المسجد شكلا مستطيلا غير منتظم إلى حدٍّ ما. ومن بين الواجهات الأربع المحاطة بالأسواق، تتميز الواجهة الشرقية بتناسق زخرفتها المؤلفة من تناوبٍ للنوافذ والأبواب التي أُحيطت لوحات جبهاتها بعقود مكونة من ثلاثة أقواس متعاقبة تزين ظهر كل عقد، أدخلت بينها مشاك تتخذ شكل محراب.

زخارف ونقوش

وتميّز الأشكال الزخرفية المستعملة مجموع الزخارف التونسية الخاصّة بالفترة الزيرية الفاطمية، وتتواجد في عدة بنايات تعود إلى القرن الرابع الهجري، وعند الدخول إلى الجامع من الباب الجانبي في الجهة الشمالية، هناك فناء داخلي محدود المساحة، تطل عليه من جوانبه الأربعة أروقة بدعامات تتخذ شكلا صليبيا، وتحمل عقوداً حدوية منكسرة. تجانب بعض الأعمدة الدعامات وتزيد من الأناقة البسيطة لهذه المجموعة. أما أروقة الجامع فمسقوفة بقبوات متعامدة تفصل الواحدة عن الأخرى عقود توائم حدوية الشكل بينما يتميز البلاط القبلي بكنّة بارزة مسقوفة بقبة ترسها مثبّتٌ مباشرةً على قاعدة مربّعة تخترقها عند الزوايا أربعة مشاك.

وترتفع المئذنة في الزاوية الشمالية الغربية، وهي مبنية بالحجر المنحوت على قاعدة مربّعة، ومؤلفة من برجين متعاقبين ومنور، ويبلغ ارتفاع المئذنة 15 مترا تذكّر من يراها بمئذنة الجامع الكبير في القيروان، وتتميز عنها بدقة صنعة واجهاتها المؤلّفة من صف من الأقراص تعلوه نقيشة بديعة بالخط الكوفي المورق، وتنتهي بأحجار منحوتة على شكل زهيرات مشكلة من خمسة فصوص. وقد مكنت بعض الاستبارات الأثرية من التأكد من أنّ المئذنة الأصليّة، والتي ترجع للفترة الأغلبية، قد غلفها غطاء بناء منحوت في العهد الفاطمي - الزيري. يتم العبور بواسطة عشرة أبواب من الصحن إلى قاعة الصلاة التي تتبع مخططا مبتكرا على شكل مثلث اقتطع جزؤه الغربي من جزء الصحن الأصلي.

قاعة الصلاة

تتألف قاعة الصلاة الحالية من سبع بلاطات، مسقوفة بأكملها بقبوات متعامدة محمولة على عقود متجاوزة مربوطة من الطرفين ومرتكزة على أعمدة ذات تيجان قديمة. البلاط الأوسط أوسع من الأخرى على شاكلة الأنموذج القيرواني. بيد أنّ قبة ثانية لها نمط قبة الصحن ترتفع على امتداد البلاطة الوسطى، وتحتل موضعا منحرفا عن المحور، إذ كانت تعلو محراب قاعة الصلاة التي تعود إلى القرن السادس الهجري والمحراب الحالي يعود تاريخه إلى القرن 12 الهجري، ويتميز بنقيشة تعلو مشاك لها شكل محراب قسمه الخلفي مستدير الشكل.

 عن موقع: الوفاق

مرکز گردشگری علمی-فرهنگی دانشجویان ایران
Copyright ©2018 istta.ir All rights reserved. Powered & Designed by WebTakin.ir , Graphic by Yousefi
logo-samandehi