سألني شخص في احد الايام، قال: اتعلم لماذا لغة الايرانيين جميلة و ناعمة و رقيقة، فأجبته ببعض ما اعلمه و ورد الی ذهني، قال لا ... لانها لغة شفاه و ليست لغة الحنجرة و بلعوم كما هي اللغة العربية...! و اضاف تصور يا اخي كيف بهذه اللغة اذا كانت تنطق بها شفاه كشفاه الايرانيين الجميلة !
بعد دخول الآريين الی ایران، و لأن طقوسهم تفتقد للرقص و الموسیقی لم یسجل التاریخ اي باع لهم في هذا المجال، في حين ان التاريخ يسهب بالحديث عن ما عرف ب )) خنيای باستاني ايراني (( اي الموسيقی التقليدية او التراثية الايرانية، و التي استبدلت الیوم بالموسيقی الايرانية الاصيلة. فالأثار المكتشفة في ساسا تعوود الی عهد العیلامي (644-2500 ق.م( ، و منها آلات جیتار و عود و بعض المزامیر. و یقال ان آلة ))باربت (( تعود بجذورها الی هذه الفترة و بالتحدید الی 800 ق.م .
و ینقل عن المورخ الیوناني هيرودوتس ان للموسيقی دور كبير في الحياة الاجتماعية و الدينية الايرانية في عهد الامبراطورية الاخمينية و التي تعرف ب)) الامبراطورية الفارسية ((. لكن تطور الموسيقی الايرانية حصل في العهد الساساني، علی يد باربد الكبير الذي وضع اول منظومة موسيقية في الشرق الاوسط و اهداها الی الملك خسرو الساساني .. .
و يری بعض الباحثين ان العديد من الألات الموسيقية القديمة وصلت بشكل و آخر الی یومنا الحاضر رغم ان العدید من التصانیف و الألات ایضاً فقدت بعد الفتح الاسلامي الذي نظر الی الموسیقی بأعتبارها قضية غير اخلاقية .
و یمكن لنا مشاهدة الموسیقی التقلیدیة الایرانیة و تأثیراتها في العدید من المقامات و المنظومات المسیقیة في تركية و العراق و بلاد الشام .
و بغض النظر عن التغيرات الاساسية التي شهدتها الموسيقی التقليدية الايرانية في العهد القاجاري، بقيت هناك سمة اساسية في هذه الموسيقي، فألنص الذي يجري قراءته و غناءه في هذه الموسيقي، هو نص ديني، فقد استبدلت نصوص الاوستا )كتاب الزرادشتیين ( بالمعاني الاسلامیة العرفانية السامية التي تتضمنها قصائد شعراء من امثال حافظ الشيرازي و جلال الدين الرومي و آخرين من الشعراء المتصوفة و الحكماء .
اما اسماء المقامات و النغمات في الموسیقی التقلیدیة الایرانیة، فهو كالتالي:
اولا – المقامات، و هي: شور، ماهور، همايون، سيكا، شاركاة، نوا و راست .
ثانیا – النغمات، و هي: اصفهان، ابوعطاء، بيات ترك، افشاري و دشتي .
و تتوزع الموسیقی التقلیدیة الایرانیة علی امتداد الخارطة القومیة الایرانیة لتشكل باقة من الازهار لكل زهرة فیها شذاها و معناها. و من هذا المنطلق تتنوع الموسیقی التقلیدیة الایرانیة لتشمل النماذج و الالوان التالیة:
الموسيقی الجيلانیة و الطالشیة
الموسيقی الكردية
الموسیقی العربیة )و هي مماثلة لموسیقی جنوب العراق(
موسيقی الساحل الجنوبي في ايران
الموسيقی اللورية و البختيارية و الفارسية
موسيقی سيستان و بلوشستان
الموسيقی الخراسانية
الموسيقی التركمانية
الموسيقی الاذرية
و قدشهدت فترة ما بعد قيام الجمهورية الاسلامية انتشاراً واسعاً لهذا النوع من الموسيقي التي شجعت علیها الدولة و فتحت امامها ابواب الاذاعة و التلفيزيون و المسارح و الدعم، لما لمضامين هذه الموسيقي من تأثير علی حياة الانسان و سموه و تعالیه .
و يري بعض الخبراء ان الموسيقي التقليدية الايرانية هي حكاية الآلام و المحن و لحظات السعادة و الفرح التي شهدتها حضارة مترامية الاطراف كحضارة فارس، التي توزعت الیوم في اكثر من بلد في شبه القارة الهندية و آسيا الوسطی و الشرق الاوسط .
اما ابرز الآلات المستخدمة في الموسيقی التقليدية الايرانية، فهي : الناي، الدف، التار و الستار و الدوتار، الكمانجة، السنطور، القانون، الجنك، النقارة، السرنا، القيجك و البربط .. .
و لو تجاوزنا ملحنون كبار من امثال ابوالحسن صبا، ميرزا عبدالله فراهاني، ابوالقاسم عارف القزويني، برويز ياحقي، همايون خرم ، فرهاد فخرالديني، حبيب الله بديعي، جلال ذوالفنون و الاخوة كامكار و غيرهم ... فأن ابرز الاصوات و التي تسيطر علی سوق الاغنية التقليدية و الاصلية كما يسميها الايرانيون، هي: سالار عقيلي، شهرام ناظري، علی رضا افتخاري، غلام حسين بنان، حسام الدين سراج، محمود كريمي، ايرج بسطامي و محمد اصفهاني ... من الرجال، اما النساء فأبرزهن: افسانه رثائي، بريسا، سيما بينا، قمر الملوك وزيري و هنجامة اخوان ...
اما الظاهرة و الامبراطور الذي يتربع علی عرش الاغنية الايرانية الاصلية لایدانیه احد في الصوت و الشهرة و الانتشار، فهو الفنان و الموسيقار محمدرضا شجریان، الذي غنی صنوف و الوان الالحان و المقامات الایرانیة الاصیلة، و كان له حضور عالمي بین عشاق اللحن و الاغنیة الایرانیة .
من موقع: http://www.e-resaneh.com/arabic/essays.aspx