السياحة في العراق ودورها في التنمية والاعمار


يحتوي الكتاب على بحوث موسعة تتناول اهم القضايا المتعلقة بالسياحة كصناعة حضارية برزت في العالم وجعلت العديد من الدول تعتمد عليها كرافد اساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكمصدر مهم من مصادر دخلها وتعزيز مكانتها الدولية والحضارية . ويؤكد الدكتور الانصاري في كتابه الى ضرورة اقامة مشروع استراتيجي يهدف الى ايجاد صناعة سياحية متقدمة في العراق على ضوء ما يمتلكه من قاعدة متينة واسس عريقة في هذا المجال .
و يكرس الكتاب الى اكثر من مئتي صفحة للتعريف بمدن العراق الحضارية والسياحية والدينية، لما فيها من معالم تاريخية بارزة واثار ومصايف سياحية تجذب اليها العديد من السياح والزائرين ومن مختلف الاجناس وعلى مدى الفصول الاربعة.
نعرض جانباً من هذا الكتاب ليطلع القراء الكرام على ما يتضمنه من فصول وابواب. وقد تم توزيعه على بعض الجامعات والمؤسسات العلمية والمراكز الثقافية والمكتبات في داخل العراق وخارجه.

مقدمة
أضحت السياحة في العراق – وقطاع السياحة الدينية على وجه الخصوص – تعتمد في حركة مؤسساتها ونشاطاتها على تأمين الكوادر المهنية والخبرات السياحية المتخصصة وتأهيلها لخدمة هذا القطاع وتطويره، واعتماد البرامج والخطط العلمية التي تهدف إلى إيجاد صناعة سياحية متقدمة. ويُعد توفر الأمن والاستقرار أحد أهم متطلبات عوامل الجذب السياحي وازدهار السياحة حيث يهتم السائح أو الزائر بأمنه وسلامته قبل التوجه إلى أية منطقة سياحية.
تبيّن كافة المؤشرات أنّ العراق يمكن أن يصبح مركزاً سياحياً رائداً في منطقة الشرق الأوسط بسبب مكانته التاريخية والحضارية والدينية المتنوعة وموقعه الجغرافي المتميز وطبيعته الخلابة بوجود نهري دجلة والفرات والأهوار والبحيرات والبساتين والجبال والسهول الخضراء والمصايف الجميلة التي أنعم الله بها على هذا البلد، وهو ما يتسع على مدى الفصول الأربعة لمئات الآلاف ممّن يقضون فصل الصيف في ربوع كردستان الرائعة في الشمال، وفي فصل الشتاء في مناطق الأهوار الجذابة وأحضان البصرة الفيحاء في الجنوب. هذا فضلاً عن احتضانه للعديد من المدن الأثرية المهمة التي تعود إلى حضارات وادي الرافدين القديمة والتي لا يزال بعضها قائماً إلى يومنا هذا، إضافة إلى المدن الدينية المقدسة التي تشتهر بمبانيها التاريخية العريقة وجوامعها ومساجدها وعتباتها التي يقصدها المسلمون من الأقطار كافة في المناسبات الدينية المهمة، إلى جانب ما يتميز به من المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية ... كل هذه تعتبر من أهم خصائص ودعائم مقومات السياحة والترويح، مما يجعله مؤهلاً لأن يصبح وجهة سياحية مفضلة، ويُمكّن السياحة من أن تؤدي دوراً مهماً في التنمية والإعمار والنهوض بمستوى الخدمات الإنسانية والاجتماعية وتوفير مستوى معيشي مقبول يدعم مستلزمات الأمن والاستقرار.
إن مَن يمعن النظر في إمكانيات تطوير موارد العراق الاقتصادية مستقبلاً وعدم الاعتماد على النفط فقط، يجد أن الأمر يتطلب الاهتمام والتخطيط العلمي السليم لتطوير الإمكانات السياحية الكبيرة والتي تجعل من السياحة المورد الثاني للاقتصاد العراقي.
والسياحة لم تعد كما كانت عليه منذ سنوات، حيث تشعبت فروعها وتداخلت وأصبحت تحتل مساحات واسعة في الحياة اليومية، الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية والبيئية. وقد اختلفت النظرة إلى السياحة من حيث جوهرها، فالاقتصاديون ينظرون إليها كصناعة تدر موارد حيوية هائلة للدخل الوطني والنقد الأجنبي وإيجاد فرص عمل متنوعة أمام قطاعات مختلفة من أبناء البلد وما تتطلبه من خدمات السفر والنقل والإقامة وكل ما يتصل بها من تداول للسلع والخدمات. وينظر إليها علماء الاجتماع بأنها رغبة في التعرف على أنماط أخرى من العلاقات الاجتماعية أو ثقافات وعادات وتقاليد الشعوب الأخرى. ويرى البعض الآخر أن السياحة تعني الحركة الاجتماعية التي تتم إرادياً واختيارياً وتهدف إلى الترفيه والاستمتاع والانسجام الذهني والروحي والنفسي والعقلي والبدني، كما تعتبر وسيلة للاتصال الثقافي والحضاري الذي يساعد على تكوين الشخصية المبدعة والخلاقة، وأداة تقريب المسافات الاجتماعية بين الشعوب. ويرى المعماريون والفنانون أن السياحة والعمارة متلازمتان مع الجمال والروح وعبق التاريخ والحضارة والقيم والعادات والتقاليد.
فالسياحة – بشكل عام وبمفهومها المعاصر هي وسيلة (الترفيه والترويح) – تعبر عن ظاهرة اجتماعية واقتصادية ذات أبعاد كبيرة في حياة الأمم والشعوب، تطورت ونمت وأصبح لها دور عظيم الأهمية في التنمية الاقتصادية، إضافة إلى ما توجده الصناعة السياحية وما تولّده من ديناميكية وحركة بين دول العالم تدعم العلاقات الدولية والإنسانية والثقافية وتقرب بين شعوب العالم مادياً ومعنوياً، باعتبارها عاملاً مهماً من عوامل ازدهار الصناعات الحرفية التراثية التي يهتم بها السياح.
وتشير تجارب الدول إلى تزايد أهمية السياحة في التنمية بمضمونها الشامل، ولا يمكن تجاهل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتوقعة نتيجة تطور النشاط السياحي وما ينتجه من منافع مباشرة وغير مباشرة أهمها:
• تشجيع استثمار رؤوس الأموال الوطنية وتنويع استخدامها في المشروعات الجديدة.
• زيادة مقدرة القطاعين العام والخاص على إيجاد فرص جيدة للعمل عن طريق إنشاء مشاريع سياحية جديدة.
• الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والاقتصادية وإيجاد استخدامات جديدة لها.
• تنويع مصادر الدخل.
إن البحث في موضوع السياحة في العراق أمر له أهميته الخاصة، باعتباره يشكل جزءاً مهماً ضمن السياحة الإقليمية والعالمية، ويندرج حقاً في صلب أشكال التنمية والاعمار، ونرجو أن نوفق لطرح مختلف جوانبه، وإلقاء الضوء على أهم المدن والمعالم الحضارية والسياحية في العراق.


مرکز گردشگری علمی-فرهنگی دانشجویان ایران
Copyright ©2018 istta.ir All rights reserved. Powered & Designed by WebTakin.ir , Graphic by Yousefi
logo-samandehi